فضاء حر

نفق استباحة الجنوب

 يستطيع التنظيم الذي يحفر الأنفاق الطويلة تحت الأرض بمعلقة زجاجية عاجية خاصة يتناول الطعام أو بشوكة تناول المعكرونه أن يأتي بالخوارق والصواعق ، ويخطف الأنظار ويبلبل العقول وأن يجعل من حكاية أحمد شوربان الذي يحكى بأنه يأسر ألف ويقتل ألف قصة شعبية سمجة فاقدة الصلاحية حتى لإضحاك وتنويم الأطفال ، ولا يمكن أن تقاس بالواقع الميداني المتوحش لتنظيم القاعدة الذي صار يقتل عشرات الجنود ويأسر العشرات من معسكراتهم ،على رؤوس الأشهاد وفي وضح النهار .

* بالأمس كان الناس يتندرون من أعجوبة الملعقة التي أستخدمها أبرز قادة القاعدة كمعول لحفر نفق طويل تحت أرض سجن الأمن السياسي الرئيسي بصنعاء ، و نفذوا منه إلى البرية  وخطفوا الأنظار في اليمن والعالم بتلك العملية الناجحة لهروب أشهر وأخطر المطلوبين عالمياً ، بما فيهم أولئك الذين يقودون تنظيم القاعدة في اليمن وجزيرة العرب هذه الأيام .

 وحينها كانت مشاعر الذهول والانبهار والاسترابة عارمة ومدوية خاصة في أذهان العلميين ببواطن الأمور و مظاهرها والعارفين بموقع سجن المن السياسي المحصن بالأسوار وعشرات الجنود والمصفحات و المتاريس والكاميرات وأجهزة الرصد والاستشعار التي ترصد دبيب النملة ولكنها عجزت عن رصد الدبيب الناتج عن عملية حفر نفق.. وأي نفق ؟

* بالأمس كانت اكذوبت وأعجوبة الملعقة السحرية إرهابا سافراً يستفز العقل و يتقصد تحقيره وتمريغه بالوحل وقسره على الإقامة في بطن الفضيحة..

 واليوم ليس بالإمكان قراءة ما يحدث في أبين  وعدن و شبوه ولحج ومارب إلا بالعودة إلى ذلك النفق الذي كبر تطاول مع الأيام والأعوام حتى صار ثقباً أسوداً بشهية مفتوحة وشرهة لابتلاع بلد بكامله.

لا يمكن قراءة ما يحدث اليوم إلا من بوابة النفق .. نفق الاستبداد والفساد وعفن النظام الأصولي الذي ارتكز على القاعدة ، وأخواتها في حروب ومعارك تصفية الخصوم .. نفق التعليم الفاسد الذي يغذي التعصب ويكفر الأخر في الرأي والمذهب والجنس والديانة.

نفق فتاوى إهدار الدماء واستباحة الجنوب والعنف والتطرف والاحتكام إلى السلاح والتباهي بالغلبة .

وقبل الاندفاع في محاربة (القاعدة) غبر الاستعانة  بألوية من ( الفرقة ) و( الحرس ) يتوجب التذكير بان الحروب الستة التي استهدفت استئصال (جماعة الحوثيين) في صعده قد أسفرت عن تمكين الحوثيين من إقامة حكمهم الذاتي ضمن نطاق إقليم يتمتع بسيادة كاملة ويقوم الحوثيون بإدارة وتدبير شئونهم الأمنية والقضائية والإدارية ..

ومن الراجح في حال التعويل على قبضة جيش متهالك ومنقسم ، أن تفضي الأمور إلى تمكين ( القاعدة ) من إقامة أكثر من إمارة في جنوب البلاد، ما يعني أن اعتماد هذا الشكل من المجابهة ، وهذه الأدوات لن يفض إلى أكثر من ذلك بمنطق الخبرة وقانونها .

وكثير هي الأهوال التي تأتي من ( النفق ) وليس ثمة ما يؤشر لبارقة أمل بالخروج من دياجيره إذا لم تفكك أسطورة المعلقة الأعجوبة وما لم توجه أصابع الاتهام والأضواء الكاشفة إلى مفاقس وورش صناعة وتفريخ ( القاعدة ) وفي مقدمتها النظام الذي كان ، والخلية الداخلية التي انشقت عنه لتركب الساحة والثورة ونظام التعليم والإعلام وفتاوى التكفير والتحريم وإهدار الدماء واستباحة الأرض والعرض .

زر الذهاب إلى الأعلى